الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الأخت التي طلقتها لا يخلو أن يكون طلاقك طلاقًا رجعيًّا، أو بائنًا.
فإن كان رجعيًّا: فلا يجوز لك الزواج بأختها حتى تنتهي عدتها، وهي هنا بوضع الحمل، فالمطلقة الحامل لا تنقضي عدتها إلا بوضع حملها كله، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الفقهاء على أن عدة الحامل تنقضي بانفصال جميع الولد، إذا كان الحمل واحدًا؛ لقوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}. انتهى. قال الإمام القرطبي: وأجمعت الأمة على منع جمعهما في عقد واحد من النكاح. اهـ.
فإذا طلق الرجل زوجته، فيمكن له أن يتزوج أختها بعد انتهاء عدتها، إذا كان طلاقه طلاقًا رجعيًّا، قال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يعني أن الشخص إذا عقد على امرأة بنكاح، فلا يحل له وطء أختها أو عمتها مثلًا بملك، أو بنكاح ما دامت الأولى في عصمته، اللهم إلا أن يبينها، إما بأن يخالعها، أو يطلقها ثلاثًا، أو واحدة وهي غير مدخول بها، أو بخروجها من العدة، حيث كان الطلاق رجعيًّا. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: وكما لا يجوز للرجل أن يتزوج امرأة في نكاح أختها، لا يجوز له أن يتزوجها في عدة أختها. انتهى.
وأما إذا كان الطلاق بائنًا: فقال ابن المنذر: اختلفوا فيه: فقالت طائفة: ليس له أن ينكح أختها، ولا رابعة حتى تنقضي عدة التي طلق، وروي عن علي، وزيد بن ثابت، وهو مذهب مجاهد، وعطاء بن أبي رباح، والنخعي، وسفيان الثوري، وأحمد بن حنبل، وأصحاب الرأي.
وقالت طائفة: له أن ينكح أختها، ورابعة سواها، وروي عن عطاء، -وهذه الرواية أثبت الروايتين عنه- وروي عن زيد بن ثابت أيضًا، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، والقاسم، وعروة بن الزبير، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأبو ثور، وأبو عبيد. ولا أحسبه إلا قول مالك، وبه نقول. اهـ بتصرف من الإشراف على مذاهب العلماء.
والله أعلم.