الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في الحديث المذكور دلالة على شيء من ذلك بحال، فإن ما كان يتذاكره الصحابة في تلك المجالس لا دلالة في الحديث بوجه على أنها كانت ذنوبا ارتكبوها في الجاهلية، ومن المقطوع به أنهم كانوا يتحدثون حديثا مباحا لا تعرض فيه للمجاهرة بذنوب سالفة، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقرهم على حديث غير جائز.
قال القرطبي في المفهم: وقال بعض علمائنا: يكره الحديث حينئذ، واعتذر عن قوله: وكانوا يتحدثون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم بأن هذا فصل آخر من سيرة أخرى في وقت آخر، وصله بالحديث الأول. قلت: وهذا فيه نظر، بل يمكن أن يقال: إنهم في ذلك الوقت كانوا يتكلمون؛ لأن الكلام فيه جائز غير ممنوع، إذ لم يرد في ذلك منع، وغاية ما هنالك أن الإقبال في ذلك الوقت على ذكر الله تعالى أفضل وأولى، ولا يلزم من ذلك أن يكون الكلام مطلوبَ التركِ في ذلك الوقت. انتهى
فعلم منه أنهم كانوا يتكلمون كلاما مباحا بلا شك، فلا إشكال في هذا الحديث بحال على كون الندم ركنا من أركان التوبة؛ بل هو ركنها الأعظم؛ كما هو معلوم.
والله أعلم.