الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصفرة حيض عند المالكية، وإن كانت مستمرة طيلة الشهر، فإنك تعملين بعادتك السابقة، فتجلسينها، وما زاد عليها يكون استحاضة.
وفي ذلك خلاف لفقهاء المالكية، وما ذكرناه هو المقدم، وهو الموافق لمذهب الحنابلة، قال الشيخ عليش: (وَ)إنْ تَمَيَّزَ الدَّمُ عَنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَحُكِمَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَدَمٌ حَتَّى تَمَّتْ عَادَتُهَا وَزَادَ عَلَيْهَا وَتَغَيَّرَ عَنْ صِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ إلَى صِفَةِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ، وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَغْتَسِلُ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَ(لَا تَسْتَظْهِرُ) عَلَيْهَا؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِرَجَاءِ انْقِطَاعِ دَمِهَا، وَالْمُسْتَحَاضَةُ قَدْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ انْقِطَاعِ دَمِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَطْوَلِ عَادَتِهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِصِفَةِ الْحَيْضِ، فَتَسْتَظْهِرُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ: لَا تَسْتَظْهِرُ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا. وَصِلَةُ "لَا تَسْتَظْهِرُ" (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) أَيْ: الَّذِي صَحَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ، وَابْنِ الْمَاجِشُونِ" - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-. انتهى.
وبه تعلمين أنك عند المالكية تجلسين عادتك قبل أن تستحاضي، وتعدين ما زاد عليها استحاضة، فتغتسلين بعد انقطاع الحيض، وتصومين، وتصلين.
والله أعلم.