الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفقك، وأن يزيدك حرصا.
واعلم أنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الحروف لها حرمة مطلقا ـ بقطع النظر عن المكتوب بهاـ فالاحتياط والورع هو في الامتناع عن الكتابة على الأكياس مطلقا.
لكن الأصح -فيما نرى- أن الحرمة تتعلق بما يُعظم شرعا؛ كاسم الله، أو القرآن الكريم، وأسماء الأنبياء -حيث قصد به المعظم لا مجرد موافقته في اللفظ-، وانظر بيان هذا في الفتاوى: 40740 - 110857 - 201064 -186893 - 358780.
وعليه: فلا يظهر في الأسماء التي ذكرتها ما يجب احترامه ويحرم امتهانه وفق الضابط المتقدم، وما خرجنا عليه في الفتاوى المتقدمة.
وننبه على أن اسم تبارك خاص بالله جل وعلا، فلا يصح إطلاقه على غيره.
قال ابن القيم: وأما صفته تبارك، فمختصة به تعالى، كما أطلقها على نفسه بقوله: {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}، {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}، {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}، {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ}، {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا}، أفلا تراها كيف اطّردت في القرآن جارية عليه، مختصة به، لا تطلق على غيره. اهـ. من بدائع الفوائد.
وعلى كل حال: فإن جماهير العلماء في الجملة على حرمة كل تصرف يفضي إلى معصية -وهذا الذي نفتي به عموما، وفي خصوص مسألة العمل في كتابة الأسماء المعظمة على الأكياس التي هي مظنة الامتهان، كما في الفتوى: 97889-، لكن الحنفية يرون عدم التحريم في الجملة، إلا فيما قامت المعصية بعينه؛ كبيع السلاح في الفتنة، كما سبق تفصيله في الفتوى: 244906.
فبناء على قولهم لا يحرم عليك كتابة على الأكياس مطلقا -وإثم الامتهان إن حصل على الفاعل وحده-، وإذا قلدت أصحاب هذا القول لحاجتك إلى العمل، ووقوع الحرج عليك، فلا تثريب عليك -إن شاء الله-، فإن من المقرر عند العلماء أن الأخذ بالقول الأيسر في بعض المسائل عند الحاجة وليس على سبيل الاعتياد، لا حرج فيه، ولا يعد من تتبع الرخص المذموم.
ومما ذكره العلماء: أن المفتي له أن يخير السائل في بعض مسائل الخلاف السائغ -لا سيما للمصلحة-.
جاء في كشاف القناع: (وله) أي المفتي (تخيير من استفتاه بين قوله وقول مخالفه)؛ لأن المستفتي يجوز له أن يتخير وإن لم يخيره.
وقد سئل أحمد عن مسألة في الطلاق؟ فقال: إن فعل حنث، فقال السائل: إن أفتاني إنسان لا أحنث، قال: تعرف حلقة المدنيين؟ قال: فإن أفتوني حل؟ قال: نعم. اهـ.
وراجع للفائدة، الفتوى: 319819.
والله أعلم.