الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأنه ليس للحياة معنى بدون فلان أو فلانة، لا يريد به الناس في العادة حقيقة معناه، وإنما يقولونه من باب المجاملة ونحو ذلك، كما يقول بعضهم لبعض: لا نستغني عنك، ونحوه من الكلام.
والذي لا معنى للحياة بدونه هو الإيمان والدين والاستقامة عليه، ولا نرى حرجا في القول المذكور بين الزوجين، فقد رخص الشرع للزوجين في شيء من الكذب مما يزيد الألفة بينهما، ففي حديث أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: كَذِبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ، أَوْ كَذِبٍ فِي الْحَرْبِ. رواه أحمد والترمذي، وفي صحيح مسلم من حديث أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقُولُ: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا. اهـ.
قال في مرقاة المفاتيح: (وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْمُعَاشَرَةِ وَحُصُولِ الْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا ...
قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، كَأَنْ يَقُولَ: لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ، وَمِثْلُهُ حَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا، وَهُمَا فِي قُوَّةِ حَدِيثِ الزَّوْجَيْنِ لِيَكُونَ الثَّالِثَ. اهـ.
وعلى هذا؛ فلا نرى حرجا في المقولة المذكورة، واجتنابها أولى.
والله أعلم.