الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام عمر الجنين قد جاوز (120) يوما، فلا يجوز إسقاطه من أجل التشوه، مهما كان، ولا نعلم أحدا من الفقهاء المعاصرين أفتى بجواز إسقاط الجنين المشوه بعد بلوغ (120) يوما، وإنما اختلفوا في جواز إجهاض الجنين المشوه قبل (120) يوما.
لكن إن ثبت بقول لجنة من الأطباء الثقات أن في بقاء الجنين خطرا محققا على حياة الأم -بحيث إن بقاءه قد يؤدي إلى وفاتها- فحينئذ فقط يجوز، تحقيقا لأعظم المصلحتين، ودفعا لأعظم المفسدتين، فحياة الام محققة، وحياة الجنين موهومة.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ولا يعلم خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح. فقد نصوا على أنه إذا نفخت في الجنين الروح حرم الإجهاض إجماعا. وقالوا إنه قتل له، بلا خلاف.
والذي يؤخذ من إطلاق الفقهاء تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح أنه يشمل ما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم وما لو لم يكن كذلك. وصرح ابن عابدين بذلك فقال: لو كان الجنين حيا، ويخشى على حياة الأم من بقائه، فإنه لا يجوز تقطيعه؛ لأن موت الأم به موهوم، فلا يجوز قتل آدمي لأمر موهوم. اهـ.
وجاء في قرار المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة سنة: 1410 هـ ـ 1990 م، ما يلي:
1ـ إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يومًا، فلا يجوز إسقاطه، ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة، إلا إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين أن بقاء الحمل فيه خطر مؤكد على حياة الأم؛ فعندئذ يجوز إسقاطه سواء كان مشوهًا أم لا، دفعًا لأعظم الضررين.
2ـ قبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل إذا ثبت وتأكد بتقرير لجنة طبية من الأطباء المختصين الثقات، وبناء على الفحوص الفنية بالأجهزة والوسائل المختبرية أن الجنين مشوه تشويهًا خطيرًا غير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي وولد في موعده ستكون حياته سيئة، وآلامًا عليه وعلى أهله، فعندئذ يجوز إسقاطه بناء على طلب الوالدين. اهـ.
وبهذا يتبين أنه لا يجوز لك الإقدام على إجهاض هذا الجنين، ولا الموافقة على ذلك، وقول الأطباء بأن عندهم فتوى بالجواز، وأن الإثم عليهم لا يسوغ لك الاستجابة لطلبهم، ولا يرفع عنك الإثم، إن وافقت على الإسقاط.
فاستعن بالله، واسأله أن يحفظ الجنين، وأن يعافيه وأمه، وارض بما يقسمه الله لك.
وراجع للفائدة الفتوى: 221203.
والله أعلم.