الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما بينك وبين ابنك وابنتك من حقوق، كما بين أي والد وأبنائه من حقوق، فيجب عليهما برّك، والإحسان إليك.
ولا يسقط شيء من ذلك عنهما على فرض أنك قد قصّرت في حقهما وأسأت إليهما، فمن حق الوالد أن يحسن إليه أولاده، وإن أساء، كما هو مبين في الفتوى: 299887.
وإن كان الحال ما ذكرت من هجرهما لك، فهذا عقوق -والعياذ بالله-، والعقوق كبيرة من كبائر الذنوب، وقد وردت فيه كثير من النصوص الشرعية الدالة على خطورته، فيمكن مطالعة الفتوى: 11287.
وينبغي أن يُسلّط عليهما من يبذل لهما النصح بالحسنى، ويبين لهما خطورة مسلكهما في التعامل مع والدهما.
ويجب عليك صلتهما بما هو ممكن، فهما من رحمك التي تجب صلتها، وتحرم قطيعتها، فصلهما حسب الإمكان، وأكثر من الدعاء لهما بالهداية؛ فدعاء الوالد مستجاب، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات يستجاب لهنّ، لا شك فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده.
ولا يجب عليك الإنفاق على ابنك وابنتك ما داما لهما سبيل للكسب، فالنفقة تجب على الوالد لولده الصغير الذي لا مال له، وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 182617، 66857.
وننبه في الختام إلى أمرين:
الأمر الأول: خطورة تحريض الأبناء على عقوق والديهم، فكما أن الدال على الخير كفاعله، فالدال على الشر كفاعله، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
الأمر الثاني: أن مجرد الانفصال بين الوالدين، لا يسقط حق أي منهما عن الأولاد، مهما كانت أسباب الانفصال، وبغض النظر عما إذا كان أحدهما ظالمًا للآخر.
والله أعلم.