الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا وجوب التسوية بين الأولاد في الهبات والعطايا، ما لم يكن لبعضهم حاجة تقتضي تفضيله، وراجع الفتوى: 6242.
وأمّا في غير الهبات والعطايا؛ فلم نقف على كلام لأهل العلم ينصّ على وجوب التسوية في معاملة الأولاد، وصلتهم، وبرّهم، لكن المنصوص الاستحباب بلا خلاف، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية، وكراهة التفضيل. قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسوّوا بينهم حتى في القُبَل. انتهى.
وقال الرحيباني -رحمه الله- في مطالب أولي النهى: وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ. قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى فِي الْقُبَلِ. انتهى.
لكن إذا كانت الأمّ تفضل بعض بناتها على بعض في المعاملة، وهي ترى أنّ ذلك يثير الضغائن والحقد؛ فالظاهر في هذه الحال؛ أنّ الأمّ تأثم بذلك؛ لأنّ دفع ما يترتب عليه قطيعة رحم، واجب، وقد جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
لكن إذا كان له أخوان، وخاف إذا أعطى أحدهما، كان ذلك سببًا للقطيعة بالنسبة للآخر، فهنا له أن يعطيه، لكن يجب أن يجعل العطاء سِرًّا؛ حتى لا تحصل القطيعة من الأخ الثاني، وهنا الواجب ليس هو التعديل، بل الواجب هو دفع ما يخشى منه من قطيعة الرحم، وهذا يحصل بالإسرار. انتهى.
والله أعلم.