الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تبارك وتعالى لوالديك الشفاء من كل سقم، وأن يمتعهما بالصحة والعافية، ويقر عينك بهما.
لقد أحسنت برجوعك لرشدك، وندمك على ما وقع منك من تفريط في حق والديك، وحرصك على البر بوالديك، ودفع تلك السيئة بالحسنة، وبر والديك والسعي في سبيل كسب رضاهما.
ونرجو أن يحقق الله لك ذلك؛ روى الترمذي وابن ماجه عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه.
والندم من أعظم شروط التوبة، ولكن لا تصح التوبة إلا بتحقق باقي الشروط، وسبق بيان هذه الشروط، ويمكن مطالعة الفتوى: 29785.
ومنها يتبين أن الواجب استسماح الوالدين فيما أمكن استسماحهما فيه من تقصير، مما لا يخشى أن تترتب عليه مفسدة أعظم، فإن خشيت مفسدة يكفي الدعاء والاستغفار والمزيد من البر والإحسان، وراجعي الفتوى: 18180، وهي عن التوبة من الحقوق المعنوية.
واعلمي أن الله يحب التوابين، ويقبل من تاب ورجع إليه وأناب، فهو القائل سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}. وفي مسند أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تَطْلُعَ الشمسُ من مغربها؛ قُبِلَ منه.
ولا يلزم من عقوقك والديك، أن يكون من أولادك مثله تجاهك، وخاصة مع توبتك إلى الله سبحانه، فادفعي عنك أي خواطر سيئة تتعلق بهذا الجانب، واستشرفي المستقبل ببر والديك والإحسان إليهما.
والله أعلم.