الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول في البدء: إن ما ذكرت عن أمك من أنها تكفر بالله كلام مجمل، فليس كل ما يظن الناس أنه من أسباب الردة عن الإسلام أن يكون كذلك، فهذا أمر ينبغي التنبه له. وقد ذكر أهل العلم أن من ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه إلا بيقين مثله، ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى: 721.
وعلى كل، فمن حق الأم على أولادها برها والإحسان إليها، فإن وقعت فيما فيه مخالفة للشرع كان من أعظم برها والإحسان إليها الدعاء لها بالهداية والتوبة، ونصحها برفق ولين، والبحث عن أفضل سبيل للنصح، وتحري من يرجى أن يكون له وجاهة عندها من العلماء والدعاة والفضلاء، فلعلها تنتفع بنصحهم، وترجع لربها وتتوب.
وللأولاد كره ما يصدر عنها من منكرات، بل إن هذا من مقتضى الإيمان، ولكن يجب الحذر من أن يقابلوا تصرفاتها بما يترتب عليه الوقوع في العقوق مما يؤذيها، ولو كان يسيرا كالتأفيف الدال على الضجر، أو العبوس في وجهها، ونحو ذلك.
وتجدين في الفتوى: 73485. بيان ضابط العقوق. فإن صدر عنك تجاه أمك ما يقتضي العقوق، فالواجب عليك التوبة النصوح واستسماحها، ولمزيد الفائدة نرجو مراجعة الفتوى: 29785، والفتوى: 185693.
ولا حرج عليك في السكنى بعيدا عن أمك، إن كان هذا المكان تأمنين فيه على نفسك، وكنت لا تتركين أمك في حال تتعرض فيها للضياع، وراجعي الفتوى: 374584.
وعليك بزيارة أمك حسب الإمكان، والتواصل معها، وتفقد حالها. ونوصيك بتحري المصلحة بسكناك بعيدا عن أمك، فما ذكرناه من الجواز لا يعني أن ذلك هو الأفضل.
واحرصي على الإكثار من ذكر الله، وتلاوة القرآن، وصحبة النساء الصالحات، وحضور مجالس الخير والعلم لتتجنبي الآثار السيئة على نفسك بسبب تصرفات أمك، وما يصيبك من إحباط بسببها.
والله أعلم.