الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد،
ففتنة الرجال بالنساء لا يلزم أن يكون بسبب من جهة المرأة، فقد يكون بسبب من جهتها، وتصرف من قِبَلها، فبدهائها يصدر عنها من الحيل والخداع، ومن القول أو الفعل ما تستميل به الرجل إليها؛ ولذلك جاء قوله تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ {النور:31}، وقوله سبحانه: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32}.
وفي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا.
ومن هذا الباب ما كان من امرأة العزيز مع نبي الله يوسف -عليه السلام- وسعيها لفتنته؛ فعصمه الله بدِينه وإيمانه.
وقد يكون السبب من جهة الرجل، وتهاونه في أمر التعامل مع النساء؛ ولذلك جاء التحذير للرجال من فتنة النساء، والأسباب الداعية إليها، قال الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ {الأحزاب:53}، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
وأما كون السبب هو ذكاء المرأة، فلم نطّلع على من ذكر ذلك من أهل العلم، وما اطّلعنا عليه بيّناه في الفتوى السابقة، وفي هذه الفتوى، فلا يتعلق الأمر بذكاء من المرأة، ونحو ذلك.
والله أعلم.