الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت أن زوجتك هي ابنة عمّك، وهذا يعني أنها من أرحامك، وذكرت من صفاتها الطيبة أنها تقوم بواجبات المنزل، وهذا أمر حسن.
ومجرد عدم حبّك لها، لا يعني أن تطلقها؛ فهذا الحب -وإن كان مصلحة- إلا أنه قد توجد من المصالح في الزواج ما تفوق مصلحة الحب؛ ولذلك قال عمر -رضي الله عنه- في المأثور عنه: ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب، والإسلام. أورده صاحب كتاب كنز العمال.
وإذا كانت زوجتك تكلم شابًّا قبل زواجها، فلا شك في أنها أتت أمرًا منكرًا، ولكن لا تلتفت للماضي، إن كانت قد تابت إلى الله وأنابت؛ فالعبرة بحالها الآن، والله يعفو عما سلف ويغفر، فاجتهد في تناسي ما مضى، واحرص على معاشرتها بالحسنى، ما أمكنك ذلك.
وإذا رأيت أن بقاء العصمة بينكما لا تتحقق به المصالح المرجوة، وأن الفراق أفضل، فسرّحها بإحسان، وطلّقها، ولعل الله تعالى يبدل كلًّا منكما خيرًا مما ترك، قال سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}، قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: قَدْ يَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ الَّتِي يَفُكُّ بِهَا الْمُطَلِّقُ الْغُلَّ مِنْ عُنُقِهِ، وَالْقَيْدَ مِنْ رِجْلِهِ، فَلَيْسَ كُلُّ طَلَاقٍ نِقْمَةً، بَلْ مِنْ تَمَامِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ مَكَّنَهُمْ مِنَ الْمُفَارَقَةِ بِالطَّلَاقِ، إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ. اهـ.
والله أعلم.