الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتحرير مذهب الحنفية في هذه المسألة هو أن من شك في صلاته: فإن كان الشك أول مرة يعرض له، فإنه يقطعها بعملٍ منافٍ لها، ثم يستأنفها.
وإن تكرر الشك وكثر -وضبطوه بأن يحصل له مرتين فأكثر في العمر، وقيل: في السنة-:
فإن غلب على ظنه شيء، عمل به، وسجد للسهو.
وإن لم يغلب على ظنه شيء، بنى على الأقل، وسجد للسهو، وسجود السهو عندهم بعد السلام بكل حال، قال الحصكفي في الدر المختار: (وَإِذَا شَكَّ) فِي صَلَاتِهِ (مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ: الشَّكُّ (عَادَةً لَهُ) وَقِيلَ: مَنْ لَمْ يَشُكَّ فِي صَلَاةٍ قَطُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ. بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ (كَمْ صَلَّى، اسْتَأْنَفَ) بِعَمَلٍ مُنَافٍ، وَبِالسَّلَامِ قَاعِدًا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ الْمَحَلُّ (وَإِنْ كَثُرَ) شَكُّهُ (عَمِلَ بِغَالِبِ ظَنِّهِ، إنْ كَانَ) لَهُ ظَنٌّ؛ لِلْحَرَجِ (وَإِلَّا أَخَذَ بالأقل لتيقنه. قال المحقق ابن عابدين: (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَثُرَ شَكُّهُ) بِأَنْ عَرَضَ لَهُ مَرَّتَيْنِ فِي عُمْرِهِ، عَلَى مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُهُمْ، أَوْ فِي صَلَاتِهِ، عَلَى مَا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ. وَفِي الْمُجْتَبَى: وَقِيلَ: مَرَّتَيْنِ فِي سَنَةٍ، وَلَعَلَّهُ عَلَى قَوْلِ السَّرَخْسِيِّ. بَحْرٌ، وَنَهْرٌ. انتهى.
وهذا لا يختص بالشك في الركعات، بل من شك في عدد السجدات، أو غيرها؛ فكذلك.
وعليه، فصلاتك -وفق مذهب الحنفية- صحيحة، وقد فعلت -والحال ما ذكر- ما يشرع لك على مذهبهم.
والله أعلم.