الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالماعز والطيور من الحيوانات المحترمة التي يحصل الأجر لمن أنفق عليها بلا شك، وأما ماهية هذا الأجر فلم يبينها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحسبك ما وعدك الله به من الثواب على ذلك؛ كما في الحديث: في كل ذات كبد رطبة أجر. متفق عليه. وفضل الله تعالى واسع.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وإن لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَيْ فِي سَقْيِ الْبَهَائِمِ أَوِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَهَائِمِ أَجْرًا، قَوْلُهُ فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٍ أَيْ كُلُّ كَبِدٍ حَيَّةٍ، وَالْمُرَادُ رُطُوبَةُ الْحَيَاةِ، أَوْ لِأَنَّ الرُّطُوبَةَ لَازِمَةٌ لِلْحَيَاةِ، فَهُوَ كِنَايَةٌ، وَمَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ هُنَا أَنْ يُقَدَّرَ مَحْذُوفٌ أَيِ الْأَجْرُ ثَابِتٌ فِي إِرْوَاءِ كُلِّ كَبِدٍ حَيَّةٍ. انتهى
وإذا كان الله قد غفر للبغي بسقيها كلبا، فالأجر الموعود على سقي البهائم لا شك أنه أجر عظيم.
قال القاري: قال المظهر: فِي إِطْعَامِ كُلِّ حَيَوَانٍ وَسَقْيِهِ أَجْرٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِقَتْلِهِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى غُفْرَانِ الْكَبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، قِيلَ: وَفِي الْحَدِيثِ تَمْهِيدُ فَائِدَةِ الْخَيْرِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا. انتهى.
وهذا العمل من الأعمال الموجبة لدخول الجنة، وأما دخولك الجنة به، فمتوقف على قبول الله له، ووجود الشرط، وانتفاء المانع، فأمر ذلك إلى الله تعالى، لكن المسلم يعمل الصالحات، ويحسن الظن بالله، ويرجو واسع فضله وكرمه، فارْجُ الخير على هذا العمل، وسل الله أن يكون من أسباب دخولك الجنة.
والله أعلم.