الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام الخاطب صالحًا، وتشعرين بالقبول له؛ فلا نرى لك ردّه للسبب الذي ذكرت؛ فالظاهر أنّ الرجل حريص على البعد عن الأعمال المحرمة، وعلى تحري الكسب الحلال، وعمل المحاسب ليس مقصورًا على المعاملات الربوية، وما يتعلق بها، ولكن عمله مباح في الشركات، والمصانع، والمؤسسات التي تعمل في أنشطة مباحة، حتى لو كانت تلك الجهات تتعامل في بعض الأمور معاملات ربوية؛ فهذا لا يحرّم عمل المحاسب بها، ما دام لا يباشر تلك المعاملات الربوية، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: عن حكم العمل في شركة تتعامل مع البنوك بالربا، وتعطي الموظفين رواتبهم من القروض الربوية.
فأجاب -رحمه الله-: هل هذا الموظف يكتب العقود التي بين الشركة وبين البنوك؟
السائل: لا يكتب، بل هو أنا يا شيخ!
الشيخ: إذن: أنت الآن لا تكتب الربا، ولا تشهد عليه، ولا تأخذه، ولا تعطيه، فلا أرى في هذا شيئًا، ما دام عملك سليمًا فيما بينك وبين الشركة؛ فوزر الشركة على نفسها.
إذا لم تكن تذهب إلى البنوك، ولا توقع على معاملة البنوك، فلا شيء عليك؛ فالمؤسسة هذه -أولًا- لم تُبنَ للربا، وليست مثل البنك الذي نقول: لا تتوظف فيه، فهي لم تؤسس للربا.
ثانيًا: إنك لم تباشر الربا -لا كتابةً، ولا شهادةً، ولا خدمةً-، عملك منفصل عن الربا. انتهى من لقاء الباب المفتوح.
وإذا عمل في شركة، وقام بتسجيل الفوائد الربوية بعد تمام عقودها، على سبيل ضبط أموال الشركة، وليس مشاركة في توثيق العقود الربوية؛ فليس عليه إثم الربا، ولا يكون أجر عمله محرمًا، وراجعي الفتوى: 412696.
والله أعلم.