الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءكم في أبيكم، ونسأله سبحانه أن يغفر له، ويرحمه، ويتقبله قبولًا حسنًا، ويرفع درجاته في الفردوس الأعلى.
ونوصيكم ببره، والإحسان إليه بالدعاء، وغير ذلك، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 7893، ففيها بيان كيفية بر الوالدين بعد موتهما.
وإن كان من أعمامك وعمّاتك من اتهمك وأمّك بقتل أبيكم، فقد أساؤوا إساءة عظيمة؛ لأن هذا من سوء الظن الذي جاء الشرع بالتحذير منه، كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... {الحجرات:12}.
وقد أحسنت بحرصك على صلتهم رغم قطيعتهم لكم، وفي ذلك أجر عظيم، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».
واجتهد في أمر التواصل مع عمّك الذي لا يريد أن يرد على مكالماتك، والعمل على إزالة هذه القطيعة، ويمكنك الاستعانة في ذلك بمن لهم تأثير عليه؛ لتغلق الباب على الشيطان؛ فإنه حريص على نشر العداوة، والبغضاء بين الناس، والتفريق بين الأحبة، ففي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت.
ومجرد كراهيتك لأعمامك وعمّاتك بسبب تصرفاتهم، لا حرج عليك فيه؛ لأنها من الأمور القلبية التي لا اختيار للمرء فيها، وقد قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}.
ووصفك أعمامك بالنفاق، أمر محرم، يجب عليك التوبة منه، جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر قوله: وقال عبد الرزاق: عن معمر، عن قتادة في قوله: "ولا تلمزوا أنفسكم"، قال: لا يطعن بعضكم على بعض. "ولا تنابزوا بالألقاب" قال: لا تقل لأخيك المسلم: يا فاسق، يا منافق. اهـ.
والله أعلم.