الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك، ويغفر ذنبك، وأن يرزقك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى.
وما قمت به من التجسس على أمّك وعملك على فضحها، أمر خطير، وأنت بذلك قد بلغت في العقوق مبلغًا عظيمًا؛ فإساءة الأمّ لا تسوّغ أن يسيء لها ولدها، بل إن من حقّها عليه أن يبرّها، ويحسن إليها على كل حال، كما سبق أن بينا في الفتوى: 299887. وأنت قد قمت بذلك بعد أن بلغت مبلغ الرجال، أي أنك أصبحت مكلفًا مسؤولًا عن أعمالك، ومحاسبًا عليها، وتجد في الفتوى: 26889 بيان علامات البلوغ.
وقد أحسنت بالإقبال على التوبة من هذا الجرم العظيم.
ولا شك في أن من شروط التوبة من العقوق أن تستسمح أمك، وتعتذر لها عما فعلت معها؛ لأن هذا من شروط التوبة من حقوق العباد، وانظر الفتوى: 29785، فهذا هو الأصل أن تستسمحها فيما فعلت، ولكن هذا قد تكون مفسدته أعظم في الغالب، وخاصة مع ما ذكرت من مرض أمّك، فيكفيك أن تكثر من الدعاء لها بخير، وأن تجتهد في برّها، والإحسان إليها، وراجع الفتوى: 18180.
ويجب عليك إزالة آثار هذا الذنب من الصور التي أرسلتها، وغيرها، وما تعجز عنه معفو عنه، كما بين أهل العلم، ويمكنك مطالعة الفتوى: 387301.
وإذا صدقت في التوبة، تقبل الله توبتك، فهو الغفور الرحيم، وهو القائل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، وفي مسند أحمد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تَطْلُعَ الشمسُ من مغربها، قُبِلَ منه.
فأحسن الظن بربك، واستقم على طاعته، واتخذ الوسائل المعينة لك على ذلك.
ويمكنك أن تستفيد من بعض التوجيهات التي ضمناها في الفتاوى: 1208، 10800، 12928.
فالتوبة والاستقامة من أعظم ما يعينك على التخلص من الضغوطات النفسية، هذا بالإضافة إلى كثرة ذكر الله، وتلاوة القرآن، والدعاء والتضرع إلى الله سبحانه.
والله أعلم.