الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتلزمك أولا التوبة إلى الله تعالى من قولك إنك لن تتحدث مع أمك، ولن تجلس معها إن خرجت. فإن هذا لا يجوز التلفظ به، ولا العزم عليه؛ لأنه من الإساءة إلى الوالدة. كما تلزمك كفارة يمين للحنث في يمينك ما دام أنها خرجت ولم تبر بيمينك.
قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا، أَوْ لَا يَفْعَلُ. أَوْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَأَحْنَثَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ. كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ هُوَ الْحَانِثُ، فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ لِمَا يُحْنِثُهُ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ: إمَّا الْيَمِينُ، وَإِمَّا الْحِنْثُ، أَوْ هُمَا، وَأَيُّ ذَلِكَ قُدِّرَ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِفِ. اهــ.
والحنث يقع بفعلها ما حلفت على أن لا تفعله، فإن كنت قلت مثلا: " والله لن تخرجي، وإن خرجت فلن أكلمك ... " فالحنث يحصل بخروجها لا بكلامك لها.
والله أعلم.