الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يحسن عزاءك في أبيك، وأن يتغمده برحمته الواسعة، ويرفع درجاته في الفردوس الأعلى.
ومن المقرر عند الفقهاء أن الأصل بقاء العصمة الزوجية؛ بناء على القاعدة الفقهية الكلية: اليقين لا يزول بالشك.
ومجرد هجر أبيك لأمك مدة طويلة لا تزول به هذه العصمة، وكذلك قول أبيك لأمك: إنه محرم عليك؛ حتى يثبت أنه قد طلّقها، وكذلك الحال بما ذكرت من تقدم سنّها، أو كونه لم يكن ينفق عليها، فلا تأثير لذلك على أمر العدة، فيجب عليها أن تعتد عدة الوفاة، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا {البقرة:234}.
ويبدأ حساب هذه العدة من وقت الوفاة.
والمعتمد في حسابها الأشهر القمرية؛ لقوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ {التوبة:36}.
وننبه إلى أنه يحرم على الزوج أن يهجر زوجته لغير مسوّغ شرعي، وخاصة إذا كان الهجر مدة طويلة تتضرر بها المرأة، ولا يحل له ترك الإنفاق عليها مع قدرته على ذلك، روى أحمد، وأبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت.
والله أعلم.