الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث الذي أشرت إليه رواه أبو داود الطيالسي في مسنده، عَنْ عَمَّارٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ دَيُّوثٌ.
وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: ثلاثة قد حَرّم الله عليهم الجنة: مدْمِن الخمر، والعاقّ، والدّيُّوث، الذي يُقِرُّ في أهله الخَبَثَ.
وفي هذه الرواية بيان معنى الديوث، وأنه من يقر الخبث في أهله، فلا يغار على محارمه، جاء في الموسوعة الفقهية: عرفت الدياثة بألفاظ متقاربة، يجمعها معنى واحد لا تخرج عن المعنى اللغوي، وهو: عدم الغيرة على الأهل والمحارم. اهـ.
وسبق في الفتوى: 12581، بيان معنى كون الديوث لا يدخل الجنة.
وهذه الغيرة تستوجب الإنكار، والإنكار يتوقف على الاستطاعة، حسب الدرجات التي جاء بها الشرع، وهي مبينة في الفتوى: 328600.
فمن استطاع ما هو أعلى من هذه الدرجات، لم يجزئه ما هو دونه، فلا يكفي أن ينكِر بالقلب مع استطاعة الإنكار باليد واللسان فيما ذكر من دخول غير المحارم، أو العمل في مكان مختلط، ولمزيد فائدة، راجع الفتوى: 161369.
بقي أن نبين أن من سبل الإصلاح الهجر، ويختلف الحكم فيه باختلاف الأحوال، وحسب المصلحة، فقد يترجح الهجر، أو يترجح التأليف، كما هو مبين في الفتوى: 21837، والفتوى: 134761.
والله أعلم.