الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث قد أخرجه أحمد في المسند، وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
والمقصود بالحديث: النهي عن قول الشخص: هو كافر، أو بريء من الإسلام إن فعل كذا، وأن من قال ذلك وقصد الكفر فهو كافر؛ كما قال.
وأما إن قصد البعد عن الفعل الذي علّق الكفر عليه، فإنه لن يسلم من نقص في دينه -وإن لم يكفر-.
وفي شرح سنن أبي داود لابن رسلان: (من حلف فقال) في حلفه (إني بريء من الإِسلام) أو من الله، أو من رسوله، أو من الكعبة إن فعلت كذا (فإن كان) يشبه أن يكون المراد: فإن كان الحالف قصده أن يكون (كاذبًا) في يمينه، وأن عزمه أن يفعل المحلوف عليه ويحنث في يمينه التي هي براءته من الإِسلام (فهو) بريء من الإِسلام (كما قال) إذا فعل ما حلف عليه، بل قالوا: إنه يصير كافرًا في الحال وإن لم يفعل؛ لأن من عزم على أن يكفر في آخر الشهر فهو كافر في الحال.
(وإن كان) قصده باليمين أن يكون (صادقا) فيها غير فاعل المحلوف عليه، بل قصد بيمينه التباعد من المحلوف، وشدد على نفسه في ترك فعل المحلوف عليه بما لا يتصور وقوعه منه وهو كالمستحيل في حقه (فلن يرجع إلى الإِسلام) الكامل (سالما) من نقص فيه.
ويحتمل أن يكون التقدير: فإن كان الحالف مكذبًا لدين الإسلام غير مصدق له، فهو كما قال بلسانه بريء منه، وتجري عليه أحكام المرتدين.
وإن كان صادقًا في إيمانه مصدقًا لشريعة الإسلام ولم يقصد بيمينه إلا التباعد عما حلف عنه، فإنه لم يصر بعد حلفه سالمًا دينه من نقص .اهـ.
وراجع الفتوى: 382357.
والله أعلم.