الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمناقشة في هذا الأمر وغيره بالعلم الصحيح، والحجة النيرة؛ جائزة، لا حرج فيها.
وأما مجرد المناقشة بالهوى، والجهل، والرجم بالغيب؛ فلا تجوز، لأن الكلام في دين الله تعالى شديد، ولا يجوز شيء من ذلك بالأهواء والآراء مع عدم استناد إلى برهان، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.
فإذا علمت هذا، فاعلم أن الصلاة التامة المستوفية شروطها، وأركانها، وخشوعها؛ تنهى صاحبها -ولا بد- عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45}.
وأما ما يكون من فعل المعاصي لكثير من الناس بعد الصلوات، فلنقص الصلاة، وعدم توفيتها حقها الذي يجب لها، وهذه الصلاة مقبولة بمعنى أنها مسقطة للفرض، لا يطالب الشخص بإعادتها، ولكنها ليست هي الصلاة التامة التي يترتب عليها كمال الأجر.
فإذا اجتهد في توفية صلاته حقها، والإتيان بها على وجهها، كانت له نورا وعاصما من ارتكاب الذنوب. وراجع الفتوى: 162863.
وليس معنى هذا أن يترك الشخص الصلاة لكونه يأتي بالذنوب، فإن تركه للصلاة أشد إثما، وأعظم جرما من كل ما يرتكبه من الآثام دون الشرك، وانظر الفتوى: 57951.
والله أعلم.