الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك يعطيك هذا المال على سبيل التوكيل في الإنفاق على نفسك وأولادك؛ فلا يجوز لك إعطاء والديك، أو غيرهم من هذا المال دون إذن زوجك.
وأمّا إذا كان زوجك يعطيك مبلغا لنفقتك تتصرفين فيه كيف شئت؛ ففي هذه الحال يجوز لك أن تعطي والديك منه.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وإذا دفع إليها نفقتها، فلها أن تتصرف فيها بما أحبت، من الصدقة والهبة والمعاوضة، ما لم يعد ذلك عليها بضرر في بدنها، وضعف في جسمها؛ لأنه حق لها، فلها التصرف فيه بما شاءت كالمهر. انتهى.
وإذا لم يكن لك ما يزيد عن حاجتك، فلا يجب عليك الإنفاق على والديك، ولو احتاجا إلى النفقة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط: أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، فإن كانوا موسرين بمال، أو كسب يستغنون به فلا نفقة لهم.
الثاني: أن تكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم فاضلا عن نفقة نفسه؛ إما من ماله، وإما من كسبه. فأما من لا يفضل عنه شيء، فليس عليه شيء. انتهى.
وإذا كان أبوك قادرا على الكسب؛ فلا تجب نفقته على غيره، ولا ينبغي له أن يعيش على الصدقات.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: القدرة على الكسب بالحرفة تمنع وجوب نفقته على أقاربه. انتهى.
وقال النووي في شرح مسلم: اختلف أصحابنا في مسألة القادر على الكسب على وجهين: أصحهما: أنها حرام؛ لظاهر الأحاديث. والثاني: حلال مع الكراهة، بثلاث شروط: أن لا يذل نفسه، ولا يلحّ في السؤال، ولا يؤذي المسؤول، فإن فقد أحد هذه الشروط، فهي حرام بالاتفاق. انتهى.
وعلى كل حال، فإنّ عليك أن تبري والديك، وتحسني إليهما قدر وسعك.
والله أعلم.