الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إن الأيام التي صمتِها بنية القضاء هي للقضاء، ولا يصح أن تحسبيها وفاءً للنذر، ولو ظهر لك أن صيام النذر الذي صمتِه أقل من شهر.
وقد سبق أن بينا في الفتوى: 173721. أن من نذر صوم شهر غير معين، ولم ينو التتابع أنه لا يلزمه التتابع في قول جمهور أهل العلم، ويجوز أن يفرقه، وأنه لو اختار صيام شهر من أوله إلى آخره، وظهر أن الشهر تسعة وعشرين يوما كفاه ذلك.
فإذا لم تنو التتابع في النذر، فإنه يجزئك أن تفرقي الصيام ابتداء، فإذا ظهر لك أن الأيام التي صمتِها بنية الوفاء بالنذر أقل من شهر -سواء كان شهر جمادى الأولى تسعة وعشرين، أو ثلاثين- فصومي من الأيام ما تكملين به بقية العدد.
ولو فُرِضَ أنك نويت شهر جمادى الثاني بعينه مع التتابع في صيام الشهر، فنرجو أن لا ينقطع التتابع بفطرك قبل تمامه ظنا منك أن الشهر قد تم. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى عدم انقطاع التتابع بمثل هذا.
جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل عن عدم انقطاع التتابع بالفطر لعذر كالحيض، والنفاس، والأكل مع ظن غروب الشمس قال: وَإِكْرَاهٍ وَظَنِّ غُرُوبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْفِطْرَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَحْرَى الْفِطْرُ لِظَنِّ بَقَاءِ اللَّيْلِ، وَمِثْلُهُ مَنْ صَامَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ أَصْبَحَ مُفْطِرًا لِظَنِّهِ الْكَمَالَ. اهــ.
والله أعلم.