الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقولك: "هل يمكن ائتمانها على تربية الأولاد ... "، إن كنت تسأل عن إرجاعها لبيت الزوجية بعد خلعها لأجل تربية الأطفال، فلا ننصح بإرجاع مثل هذه الزوجة.
وإن كنت تسأل عن الحضانة، فإنها شرعًا ليس لها حق الحضانة، فقد نصّ الفقهاء على أن الفسق مانع من موانع الحضانة، وأنه لا حضانة لفاسق، وراجع الفتويين: 242302، 197181.
ومثل تلك الزوجة ينبغي تطليقها، ولو لم تخالع، وتطلب الطلاق؛ إذ لا يأمن الزوج أن تلوّث فراشه، وتلحق بنسبه من ليس منه، وقد نصّ الفقهاء على استحباب تطليق هذا الصنف من الزوجات، وأنه لا حرج على الزوج في التضييق عليها؛ حتى تفتدي نفسها بالخلع، جاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا كَرِهَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِكَوْنِهَا غَيْرَ عَفِيفَةٍ، أَوْ لِتَفْرِيطِهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْوَاجِبَةِ عَلَيْهَا -مِثْل الصَّلاَةِ، وَنَحْوِهَا- وَلاَ يُمْكِنُهُ إِجْبَارُهَا عَلَيْهَا، فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ إِمْسَاكُهَا؛ لأِنَّ فِيهِ نَقْصًا لِدِينِهِ، وَلاَ يَأْمَنُ إِفْسَادَهَا لِفِرَاشِهِ، وَإِلْحَاقَهَا بِهِ وَلَدًا لَيْسَ هُوَ مِنْهُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: إِنَّ امْرَأَتِي لاَ تَرُدُّ يَدَ لاَمِسٍ. فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طَلِّقْهَا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ بَأْسَ بِعَضْلِهَا فِي هَذِهِ الْحَال، وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهَا؛ لِتَفْتَدِي مِنْهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. اهــ.
لكن مع ذلك، فإن تابت، وغلب على ظنك أنها صادقة في توبتها، فلا شك أن الأولى أن ترجعها؛ حفاظًا على الأسرة، وعلى الأولاد من التشتت والضياع.
ولا يخفى أن الأولاد إذا تربوا في كنف والديهم تحت سقف واحد، ففي ذلك خير كثير، ونفع كبير لهم.
والله أعلم.