الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى حديث: "الدال على الخير كفاعله" أن الذي يدل غيره على عملِ خير؛ فإن الله تعالى يثيبه، كأنه هو الذي فعله، من غير أن ينقص أجرُ الفاعل شيئا، وانظر الفتوى: 173733. في بيان درجة ومعنى حديث: الدال على الخير كفاعله. ومثلها الفتوى: 28202.
وإذا تبين ذلك، فإنك تنال أجر الصدقة التي تصدقت بها؛ سواء كانت وقفا يجري لك ثوابه؛ كمسجد، أو حفر بئر، أو كان صدقة غير الوقف؛ كعلاج، أو إطعام فقير.
وأما المهندس الذي يبني المسجد، أو العامل الذي يحفر البئر، أو العامل الذي يوصل ثمن الدواء والطعام؛ فإن لهؤلاء ثواب أعمالهم، ويرجى لك أن تشاركهم في الثواب أيضا، وإن لم تلحق بجميع تضعيف أجرهم.
قال القاضي عياض في «إكمال المعلم بفوائد مسلم»: وقوله: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله". مثل قوله: "من جهز غازيا فقد غزا": أي له أجر فعل الخير، وأجر الغزو، وإن لم يلحق بجميع تضعيف أجر معطي الخير، وأجر الغازي؛ لأنه يجتمع في تلك الأشياء أفعال أُخر، وأعمال من البر كثيرة، ولا يلحق بها الدال الذي ليس عنده إلا بمجرد النية في الحسنة، ويموت المسلم بما فعل. وقد بيّن في هذا الحديث الآخر بقوله: "فله أجر نصف أجر الخارج" أو لأن الخارج بجهاز هذا ليس له الأجر في إخراج المال أيضا، وانما أجره في الجهاد والخروج؛ ولهذا أجر إخراج المال فيه بمثل نصف أجر من خرج مجاهدا بنفسه وماله، وكذلك مجهز الغازي، وخالفه في عياله بالخير الذي ليس له إلا حسن عونه، وبذل ماله في جهازه، والقيام بمن خلفه، وكذلك المعونة في جميع أعمال البر. اهــ
والله أعلم.