الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر السؤال أن السائل قد أخذ هذه اللقطة لنفسه، لا بنية تعريفها لردها لصاحبها. فإن كان هذا هو الحاصل؛ فهو في حكم الغاصب، وعليه ضمان اللقطة لصاحبها أبدا.
جاء في الموسوعة الفقهية: من أخذ اللقطة بنية الخيانة والاستيلاء، يكون ضامنا غاصبا، لم يبرأ من ضمانها حتى يؤديها إلى صاحبها. اهـ.
وفيها أيضا: الفقهاء متفقون على أن من التقط على قصد أن يحفظ اللقطة لمالكها أبدا، فهي أمانة في يده. كما كان الفقهاء متفقين على أن من يأخذ اللقطة بنية الخيانة كأن نوى تملكها في الحال، وكتمانها، فيكون ضامنا غاصبا. اهـ.
ولا يخفى أن معرفة صاحب هذا المال بعد هذه المدة أمر متعذر! وبالتالي لا يمكن رده إليه إن كان ما زال حيا، أو إلى ورثته إن كان قد مات، والواجب عندئذ هو التصدق به عنه، أو إنفاقه في مصالح المسلمين، وراجع في ذلك الفتاوى: 393991، 391945، 259096، 178373.
وهذا إنما يجب على السائل إن كان مكلفا في وقت الالتقاط، وأما إن كان حينئذ صغيرا غير بالغ، فيجب ذلك على وليه (أبيه).
جاء في الموسوعة الفقهية: إذا علم الولي بالتقاط من عليه الولاية، وجب عليه أخذها منه؛ لأن المولى عليه ليس من أهل الحفظ والأمانة.
فإن تركها الولي في يده، كان عليه ضمانها؛ لأنه يلزمه حفظ ما يتعلق به حق الصبي، وهذا يتعلق به حقه، فإذا تركها في يده كان مضيعا لها، فوجب عليه ضمانها، وإذا أخذها الولي عرفها هو؛ لأن واجدها ليس من أهل التعريف. فإذا عرفها خلال مدة التعريف دخلت في ملك واجدها، وليس في ملك الولي؛ لأن سبب الملك تم شرطه، فيثبت الملك له. اهـ.
هذا مع التنبيه على أن لقطة الحرم كغيره، عند جمهور العلماء، وراجع في ذلك الفتوى: 14308.
وأما ما يشكوه السائل من حاله، فيجد علاجه في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية.
حيث قال -كما في مجموع الفتاوى-: التوبة من أعظم الحسنات، والحسنات كلها مشروط فيها الإخلاص لله، وموافقة أمره باتباع رسوله. والاستغفار من أكبر الحسنات، وبابه واسع.
فمن أحس بتقصير في قوله، أو عمله، أو حاله، أو رزقه، أو تقلب قلب: فعليه بالتوحيد والاستغفار؛ ففيهما الشفاء إذا كانا بصدق وإخلاص.
وكذلك إذا وجد العبد تقصيرا في حقوق القرابة والأهل والأولاد والجيران والإخوان، فعليه بالدعاء لهم والاستغفار. اهـ.
والله أعلم.