الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما أقدمت عليه أمر محرم، وراجع الفتوى: 113987. ولكن التوبة إلى الله تعالى لا يتعاظم أمامها ذنب، مهما كبر وعظم، والكفر الذي هو أعظم الذنوب وأشنعها لو تاب منه فاعله لتاب الله عليه؛ لقول الله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ {الأنفال:38}، وأخبر تعالى أنه يغفر الذنوب جميعا، ولم يستثن منها ذنبا، فقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
فإذا تبت أيها السائل من قتل القطة بالندم، والعزم على أن لا تعود لمثلها مستقبلا، فأبشر بتوبة الله تعالى ومغفرته، واحذر القنوط من رحمة الله، فإنه لا يقل ذنبا عن قتل القطة، وفي سورة الحجر: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: والله تعالى غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب، والذنب -وإن عظم-، والكفر -وإن غلظ وجسم-؛ فإن التوبة تمحو ذلك كله، والله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب، بل يغفر الشرك وغيره للتائبين؛ كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}. وهذه الآية عامة مطلقة؛ لأنها للتائبين. اهـ.
والله أعلم.