الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن القتل شأنه عظيم، وجرمه كبير، قال الله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (النساء:93).
وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً.
قال ابن حجر في فتح الباري: "ففيه إشارة إلى استبعاد العفو عنه لاستمراره في الضيق، وقال ابن العربي: الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة، حتى إذا جاء القتل ضاقت، لأنها لا تفي بوزره". ا.هـ
فإرادة الوالد قتل ابنته أمر عظيم، وخطر كبير، ولا يحل له ذلك، لأنها إن كانت زنت وهي محصنة -ولا يثبت الزنا إلا بإقرارها هي بذلك أو بشهادة أربعة شهود عدول- لم يَجُزْ له أن يقتلها، لأن إقامة الحدود من عمل السلطان، وليس لأفراد الناس إقامتها، لما في ذلك من انتشار الفوضى والقتل.
وإن لم تكن زنت فالأمر أبعد وأخطر، وذلك أنها لم تستوجب القتل أصلاً.
فالواجب تذكير الأب بذلك، وتخويفه بالله عز وجل، ولعل هربها كان بسبب خوفها على نفسها من القتل، كما يجب نصحها بالتوبة إلى الله تعالى، وترك هذه العلاقة المحرمة، وألا تستجيب للشيطان في الغواية، فتذهب إلى هذا الرجل الأجنبي، وانظر الفتوى رقم: 18606.
وينبغي أن يتدخل عقلاء الرجال في حل هذه المشكلة، فإن لم يستطيعوا وكان والدها مصراً على قتلها، فارفعوا الأمر إلى القاضي الشرعي.
والله أعلم.