الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمجرد إقامتك علاقة آثمة بينك وبين امرأة أجنبية عنك، أمر منكر؛ فلا يجوز شرعًا للمسلم أن يكون على علاقة بامرأة أجنبية خارج إطار الزواج الصحيح، كما بيناه في الفتوى: 30003.
وكون هذه المرأة أختًا لصديقك، يجعل الأمر أشدّ؛ فالودّ الذي بينك وبينه يقتضي حفظه في عِرضه، لا إقامة علاقة مع أخته.
ومن الإيمان أن يغار على حرمات الله، ويغضب عليك بسبب فعلتك هذه، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه.
وأنت مصيب حين ندمت على ذنبك.
والواجب عليك أن تبادر إلى التوبة النصوح، ولا يكفي الندم؛ حتى تتحقق بقية شروط التوبة، والتي سبق بيانها في الفتوى: 29785.
فليكن همّك أولًا الإخلاص في التوبة إلى الله عز وجل.
أما ما كان من حق لأولياء المرأة عليك جرّاء انتهاك أعراضهم، فنرجو أن تكفّره التوبة النصوح، والإكثار من الأعمال الصالحة؛ لتعذّر طلب المسامحة فيه.
قال صاحب مطهرة القلوب في شروط التوبة: وهو أحد فحول علماء الشناقطة:
وشرطها استحلاله للآدمي من حقّه الظاهر غير الحرمي
ونحوه أن تستطع تحلله منه ولا بد من أن تفصله
وقال في الشرح: المحارم التي فيهنّ حق الآدمي خمسة: دينية -كتكفير، وقذف-، وعرضية -كغيبة-، ومالية -كغصب-، فيجب أن تستحل مظلومك في الثلاث، أي: تطلبه أن يبرئك مما ظلمته به، ويجب أن تكذّب نفسك عند من شهدت عنده عليه بزور، وهل شرطها لقاذف تكذيب نفسه؟ قولان للشافعي، ومالك.. وذكر بعضهم: سقوط الإثم بالتوبة من غيبة لم تبلغه.
وأما الحرمية، فيحرم فيها؛ لإثارته الغيظ، فلا تستحلّه إلا مبهمًا.
وأما البدنية -كضرب، وقتل-؛ فيجب، وهل على القاتل تسليم نفسه؟ قولان لابن رشد، قال زروق: الثاني هو ظاهر الأحاديث... انتهى.
والله أعلم.