الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، أي لا تحول عن حال، ولا قوة على شيء إلا بالله، فلا يتحول العبد عن المعصية إلى الطاعة، ولا يتقوى على فعل الطاعة إلا بالله. فالتوفيق كل التوفيق أن يتولاك الله ويعينك، والخذلان كل الخذلان أن يكلك الله إلى نفسك.
قال ابن القيم: وَقَدْ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ بِاللَّهِ أَنَّ التَّوْفِيقَ هُوَ أَنْ لَا يَكِلَكَ اللَّهُ إِلَى نَفْسِكَ، وَأَنَّ الْخِذْلَانَ هُوَ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ. انتهى.
فإذا علمت هذا، فأحسن الظن بربك، وظن به ما هو أهله من الكرم والجود وسعة الفضل؛ فإن الله تعالى عند ظن عبده به.
ولا تثق بنفسك، بل تبرأ من حولك وقوتك، واعتقد أن ما بك من خير فهو من توفيق الله ومعونته، فالجأ إلى ربك، واضرع إليه في أن يصلح شأنك وييسر لك الخير حيث كان.
وما تريده من الثقة بالنفس، فإنك تستمده من التوكل على الله تعالى، وتمام التفويض إليه، والتسليم له وحسن الظن به سبحانه.
فتأخذ بما أمكنك من الأسباب، وتعلق قلبك بربك تعالى المسبب لها، وتنتظر منه الفرج، وتثق بما في يديه سبحانه، فثقتك لا تكون بقدرتك على الفعل، وإنما تكون واثقا بإقدار الله لك وتوفيقه إياك.
فتتوكل عليه في جميع شؤونك؛ فإن التوكل مفتاح قضاء الحوائج، ونجاح السعي، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق:3}، وقالت الرسل عليهم السلام: وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا {إبراهيم:12}.
والله أعلم.