الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الاعتراض على قضاء الله تعالى وقدره، والله تعالى لا يسأل عما يفعل، كما قال تعالى: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:23}.
وما قدّره تعالى هو ما تقتضيه الحكمة، والمصلحة، وإن خفيت تلك الحكمة على كثير من الناس، فهو سبحانه حكيم عليم، يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، فلا يجوز لأحد أن يزعم أن خلاف ما قدره وقضاه -سبحانه- كان أصوب وأنفع للناس.
وأما من بحث عن الحكمة من غير قصد للاعتراض، فهذا لا بأس به: فإن ظهرت له هذه الحكمة، لم تزده إلا انقيادًا وتسليمًا، وإن لم تظهر، لم يؤثر ذلك في إذعانه لحكم ربه وخالقه تبارك وتعالى.
وحكمة كوننا لم نخلق متعلمين واضحة:
منها: أن يتكامل الإنسان شيئًا فشيئًا، فيستحضر فضل الله عليه في هذا الكمال، وأنه هو المانّ المتفضّل به -سبحانه وتعالى، فيشكره -جلّ وعزّ- على نعمه، كما قال تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {النحل:78}.
ومنها: أن يسعى الشخص ويجدّ في تعلم ما يلزمه، فيؤجر بذلك، وترتفع منزلته عند الله تعالى.
ومنها: أن يضرّع إلى الله تعالى في تعليمه ما ينفعه، كما أمر الله نبيه أن يتزود من العلم، فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا {طه:114}، إلى غير ذلك من الحكم الظاهرة التي تعلم بأدنى تأمل.
والله أعلم.