الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستقامة على طاعة الله عز وجل نعمة من أعظم النعم التي ينبغي شكر الله عز وجل عليها بالمزيد من الطاعات، واجتناب المعاصي والمنكرات، فلا يجحد المسلم نعمة ربه عليه فيحرم النعمة، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7} . هذا أولا.
ثانيا: من المطلوب شرعا من المسلم أن يخالط الناس، على أن يكون على بصيرة من أمره في ذلك، فلا يجامل أحدا على حساب دينه، بل يتمسك بدينه ويصبر على أذى الناس؛ ليرضي ربه، فيصبح ذامه من الناس حامدا له. روى ابن حبان في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ الْتَمَسَ رِضَى اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ. وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ؛ سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ.
ثالثا: الجلسات العائلية لها ضوابطها الشرعية، التي سبق بيانها في الفتوى: 98295.
فلا يجوز تجاوز هذه الضوابط بالاختلاط المحرم، أو التبرج ونحو ذلك من دواعي الفتنة؛ كالضحك والمزاح ونحوهما مما ذكر بالسؤال.
رابعا: ينبغي بذل النصح لهؤلاء الأهل بالحكمة والموعظة الحسنة في كل ما تكون فيه مخالفات شرعية، وأن يبين لهم المقصود من عدم مشاركتهم وهو مراعاة ضوابط الشرع.
وإذا أمكنت المشاركة في المناسبات المشروعة من الزواج ونحوه، مع اجتناب أماكن المنكر بحيث لا يراه المسلم ولا يسمعه، فهو أمر حسن. ولتراجع الفتوى: 233377.
خامسا: ينبغي أن لا يغيب عن ذهنك ولا عن ذهن والديك أن الصبر والثبات والتمسك بالحق، مع تعليم الناس وإرشادهم، خير ما يعين على هدايتهم للحق، ومن يجاملهم في ذلك خسر في نفسه، وكان سببا لخسرانهم.
فاثبتي على الحق، واعملي على مناصحة والديك برفق ولين، وبيني لهما أن تنازلهما عن الحق قد يسخط عليهما ربهما، وقد يكون سببا لسخرية الناس منهما، فالسلامة من ألسنة الناس عزيزة، وإرضاء الناس غاية يصعب إدراكها.
والله أعلم.