الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنّ حق الأمّ على ولدها عظيم، وبرّها وطاعتها في المعروف من أوكد الواجبات، ومن أفضل الطاعات، لكن ليس من حقّها منعك من السفر الذي فيه مصلحتك، ولا خطر فيه، جاء في الفروق للقرافي -رحمه الله-: وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ -السفر- دَفْعَ حَاجَاتِ نَفْسِهِ، أَوْ أَهْلِهِ، بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ تَأَذَّى بِتَرْكِهِ، كَانَ لَهُ مُخَالَفَتُهُمَا؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ»، وَكَمَا نَمْنَعُهُ مِنْ إذَايَتِهِمَا، نَمْنَعُهُمَا مِنْ إذايَتِهِ. انتهى.
وقال زكريا الأنصاري في شرح البهجة الوردية: أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْأَمْنُ، فَلَا مَنْعَ مِنْهُ -لِتِجَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا-؛ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ، وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ. انتهى.
وعليه؛ فما دمت محتاجًا للسفر إلى بلد مسلم تعمل فيه، وتأمن على أولادك؛ فلا حرج عليك في السفر دون إذن أمّك، ولا تكون عاقًّا لها بمخالفتها في هذا الأمر، لكن عليك أن تجتهد في برّها، والإحسان إليها، وتسعى في استرضائها بطيب الكلام، وحسن الأفعال.
والله أعلم.