الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الفقهاء أن من أوصى بشيء من ماله في الصدقة ونحوها، فإنه ليس للموصى إليه أن يدفعها إلى أحد من ورثة الموصي، جاء في «كشاف القناع عن متن الإقناع»: وَإِذَا قَالَ الْمُوصِي لِلْوَصِيِّ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْتَ، أَوْ أَعْطِ لِمَنْ شِئْتَ، أَوْ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى مَنْ شِئْتَ؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ، أَيْ: الْوَصِيِّ (أَخْذُهُ) أَيْ: الثُّلُثِ لِنَفْسِهِ ... وَلَا) يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَيْضًا دَفْعُ الثُّلُثِ (إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي) أَغْنِيَاءَ كَانُوا أَوْ فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ نَائِبُ الْمَيِّتِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الدَّفْعُ إلَى مَنْ لَا يَدْفَعُ الْمُسْتَنِيبَ إلَيْهِ. اهــ مختصرًا.
فليس لك أن تدفع شيئًا من المال الذي أوصتك أختك أن تتصدق به إلى ولدها الفقير.
وننبهك إلى أنه إذا لم يصدقك الورثة بدعواك أن أمّهم أوصتك بالصدقة بذلك المال؛ فإنه يتعين عليك إقامة البينة الشرعية على دعواك بأنها أوصتك، أو تدفع المال إليهم، إن لم تُقِمِ البينة الشرعية، ويقسمونه بينهم القسمة الشرعية، ولا يثبت ما قلتَه: إن أختك أوصتك بالمال ما دام أن الورثة لم يصدّقوك.
وقد نصّ الفقهاء على أن الوصية لا تثبت للموصى إليه إلا بشاهدين؛ لأنه يدّعي الولاية على المال، جاء في «الحاوي الكبير»: فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ، فَإِنْ كَانَتِ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا لَمْ تَثْبُتْ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِي تَمَلُّكِ الْمَالِ بِهَا، ثَبَتَتْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.
وَأَمَّا الْوِكَالَةُ، فَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ نِيَابَةٍ، كَالْوَصِيَّةِ. اهــ. وقال أيضًا: كَالْوَصِيَّةِ لَا تَثْبُتُ لِلْمُوصَى إِلَيْهِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَتَثْبُتُ لِلْمُوصَى لَهُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، لِأَنَّهُ مَالٌ. اهــ.
والله أعلم.