الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن الوالدَ ناصحٌ ومُربٍّ، ولا حرج عليه في أن يسأل عن سلوك ابنه؛ حتى يصحّح ما اعوجّ من سلوكه بالترغيب أو الترهيب.
فإذا سألك أبوك عن حال أخيك، فاصدقه، ولا تكذب عليه، ولا يكون هذا من باب الغيبة المحرمة؛ لأن ذكر مساوئ الشخص تجوز في بعض الحالات التي تتحقق فيها مصلحة، كتغيير منكر. وقد بينا هذا في عدة فتاوى سابقة، كالفتوى: 313270.
كما أن الستر على العاصي ليس محمودًا في كل الأحوال، بل قد يكون مذمومًا في بعض الأحوال، كمن ستر عليه في أخذه حقوق الناس، وظلمه لهم، قال أبو محمد ابن حزم في المحلى: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِإِبَاحَةِ السَّتْرِ عَلَى مُسْلِمٍ فِي ظُلْمٍ ظَلَمَ بِهِ مُسْلِمًا، كَمَنْ أَخَذَ مَالَ مُسْلِمٍ بِحِرَابَةٍ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ، أَوْ غَصَبَهُ امْرَأَتَهُ، أَوْ سَرَقَ حُرًّا، وَمَا أَشْبَهَهُ، فَهَذَا فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَقُومَ بِهِ؛ حَتَّى يَرُدَّ الظُّلَامَاتِ إلَى أَهْلِهَا. انتهى.
كما أن المجاهر بالمعصية الذي لا يردعه إلا رفع أمره للحاكم وعقوبته بالعقوبة اللائقة بمثله، المشروع رفع أمره، وعدم ستره، كما مر ذكره؛ تحقيقًا للمصلحة العامة، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فالستر قد يكون مأمورًا به محمودًا، وقد يكون حرامًا. فإذا رأينا شخصًا على معصية، وهو رجلٌ شرير منهمك في المعاصي، لا يزيده الستر إلا طغيانًا، فإننا لا نستره، بل نبلغ عنه؛ حتى يُردع ردعًا يحصل به المقصود. انتهى.
فإذا تحقق هذا الزجر لأخيك العاصي بإخبار والدك؛ فأخبره، ولا ينبغي لك أن تساير أخاك بأن تخبره أنك ستستر عليه فيما يفعله من منكر؛ لأن هذا مما يشجّعه على فعله، بل خوّفه بأنك ستخبر أباك إن لم يكفّ عن منكره.
والله أعلم.