الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا يخفى واقعية الميل الغريزي بين الرجال والنساء، وعظم أمر الفتنة بينهم، وقد نبه الشرع على ذلك، روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
ومن هنا جعل الشرع سياجا متينا، ووضع قيودا للتعامل بينهم ليحفظ للمجتمع عفافه، وتصان الأعراض. ومن ذلك أمْر المحادثة بين الرجال والنساء، فلا تجوز المحادثة بين الأجنبيين إلا لحاجة، ومع مراعاة الضوابط الشرعية، فالتساهل في ذلك باب للفساد، ولا سيما إن كان من خلال غرف الدردشة الخاصة، ونرجو مراجعة الفتوى: 21582.
والمحادثة لأمر التدريب واللياقة البدنية والتغذية ليست حاجة معتبرة شرعا تدعو للحديث إلى رجل، فمن الممكن للمرأة تحقيق هذا الغرض من سبيل آخر ينتفي فيه المحظور، وعلى فرض وجود حاجة، فما الذي يدعو المرأة لأن تقوم بذلك في وقت متأخر من الليل، والكلام مع أجنبي عن مواضع من الجسد، لا يصلح الكلام فيها بين الرجل والمرأة الأجنبية؟!
فالواجب الحذر من ذلك، وإغلاق أبواب الشيطان على الإنسان، فإنه له بالمرصاد، ويستدرجه للفاحشة استدراجًا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
والله أعلم.