الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة بالرجوع إلى الله تعالى، والتوبة النصوح مما وقعت فيه من الفاحشة؛ والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب على الفور، والندم على فعله، والعزم الصادق على عدم العود إليه.
فأول الطريق أن تبتعدي عن هذا الخاطب بالكلية، ولا تجاريه في مطالبه الخبيثة، ولا تلتفتي لتهديداته الدنيئة، وامضي في طريق التوبة، ولا يثنيك عنها وسوسة شيطان، أو خوف إنسان كائنًا من كان، فلا يحول بينك وبين التوبة شيء، ما دامت روحك في بدنك؛ فباب التوبة مفتوح للعبد، ما لم يغرغر؛ حتى تطلع الشمس من مغربها.
واحذري من تخذيل الشيطان لك، وإيحائه لك بالضعف والعجز عن التوبة.
واحذري أيضًا من التسويف؛ حتى لا تندمي بعد فوات الأوان.
ثمّ بيني للخاطب أنّ عليه أن يتوب إلى الله تعالى مما وقع فيه من الفاحشة والحرام؛ فإن تاب إلى الله تعالى، فلا حرج عليك في الزواج منه بعد استبراء رحمك.
وأمّا إذا لم يتب؛ فافسخي الخِطبة، وأعرضي عنه، ولا تلتفتي إلى تهديده
واستري على نفسك، ولا تخبري أحدًا بما وقعت فيه من الفاحشة.
ويجوز لك الكذب؛ للستر على نفسك، فقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي يرخص فيها في الكذب: فَهَذَا مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ؛ كَكَذِبِهِ لِسَتْرِ مَالِ غَيْرِهِ عَنْ ظَالِمٍ، وَإِنْكَارِهِ الْمَعْصِيَةَ لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، مَا لَمْ يُجَاهِرْ الْغَيْرُ بِهَا، بَلْ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا كَانَ مُجَاهِرًا. انتهى.
واعلمي أنّك إن صدقت في التوبة، فسوف تجدين العون من الله، والستر، والتوفيق للخير؛ فالتائب قريب من الله تعالى، محفوظ بحفظه.
والله أعلم.