الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المرأة سببًا في ترك زوجك لك معلقة، لا بأيِّم ولا بذات زوج؛ فلا شك في أنها آثمة وظالمة، فسعي إحدى الزوجتين في الاستئثار بالزوج عن الأخرى أمر منكر، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تسأل المرأة طلاق أختها؛ لتكفأ ما في صحفتها، أو إنائها، فإنما رزقها على الله تعالى.
جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: قال النووي: معنى هذه الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل رجلا طلاق زوجته، وأن يتزوجها هي، فيصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ما كان للمطلقة، فعبر عن ذلك بقوله تكتفيء ما في صحفتها. قال: والمراد بأختها غيرها سواء كانت أختها من النسب، أو الرضاع، أو الدين، ويلحق بذلك الكافرة في الحكم، وإن لم تكن أختا في الدين إما لأن المراد الغالب، أو أنها أختها في الجنس الآدمي. اهـ.
وإذا أظهرت هذه المرأة ندما على ما فعلت، وجاءتك معتذرة، فخذي بعلانيتها، وكلي سريرتها إلى الله سبحانه، فمن شيم الكرام قبول اعتذار المعتذرين، ولا بأس بأن تطلبي منها العمل على إصلاح ما أفسدت بينك وبين زوجك.
وإن أمنت أذاها وضررها، فلا بأس بالتواصل معها، وإن خشيت ضررا فمن حقك عدم التواصل معها، ولا إثم عليك في ذلك.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه، فإن كان ذلك فقد رخص له في مجانبته وبعده. ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. اهـ.
وننصح بالعمل على إصلاح ما بينك وبين زوجك، فقد ندب الشرع إلى الصلح، قال تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}.
ويمكن توسيط أهل الخير في ذلك بأن يسعوا للإصلاح، فإصلاح ذات البين من أفضل القربات، ونرجو مطالعة الفتوى: 50300.
والله أعلم.