الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأيام والأشهر والسنون كُلُّها مُسَخَّرةٌ مُدَبَّرةٌ، تدور في فلك القَدَر الذي قدّره الله تعالى، لا يُطلب منها أن تفعل؛ لأنها ليست خالقةً، ولا تفعل ما تشاء. ولا تُسَبُّ أيضا وتُذَمُّ؛ لأن ذمّها هو في الحقيقة ذَمٌّ لخالقها، ومُدَبِّرِ أمرها.
فالكلام المذكور في السؤال، والذي يطلب فيه قائله من بعض الأشهر أن تكون لطيفة، يُشعر بأن تلك الأشهر هي الفاعلة، وهذا -كما ذكرنا- غير صحيح، وكان الأجدر به -كما ذكرت- أن يسأل الله تعالى خير ما في هذه الأيام والأشهر، ويستعيذ به -سبحانه- من شر ما فيها، فقد جاء في الحديث عن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلالَ، قَالَ: اللهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ، وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ، وَالْإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ. رواه أحمد، والترمذي، وغيرهما.
وروى أبو داود -بسند ضعفه الألباني، وحسّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود- عن قتادة أنه بلغه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، هِلَالُ خَيْرٍ وَرُشْدٍ، آمَنْتُ بِالَّذِي خَلَقَكَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ذَهَبَ بِشَهْرِ كَذَا، وَجَاءَ بِشَهْرِ كَذَا».
فانظر إلى الهدي النبوي في النظر إلى الأشهر، وكيفية التعامل معها، وقارنه بما يفعله أمثال ذلك الكاتب، فتدرك البَون الشاسع، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.