الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن تعطي أخواتك من الملابس ما تعلمين أنهن سيتبرجن به؛ لأن ذلك من الإعانة على المعصية، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {سورة المائدة:2}، وكذلك لا يجوز أن تمدحيهن على ذلك التبرج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: مَدْحَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَتَعْظِيمَ صَاحِبِهَا هُوَ مِنْ الضَّلَالِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. انتهى.
كما أن الاستماع إلى المعازف أمر منكر، وقد بينا في فتاوى سابقة كثيرة تحريم المعازف عزفا واستماعا، وأنها من المنكرات التي تفسد القلب وتغضب الرب -سبحانه وتعالى- فالواجب على أخواتك تقوى الله تعالى، والكف عن معاصيه.
وأما عن كيفية التعامل مع أخواتك؛ فالصبر هو المقام الأول، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ. خَيْرٌ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، والترمذي وابن ماجه.
وداومي على بذل النصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب استطاعتك. وما يصيبك من جراء ذلك، فاصبري عليه، واحتسبي الأجر من الله تعالى، قال تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. [لقمان : 17].
قال ابن كثير -رحمه الله-: عَلِمَ أَنَّ الْآمِرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهِيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا بُدَّ أَنْ يَنَالَهُ مِنَ النَّاسِ أَذًى، فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ. اهـ.
وعليك بالرفق والحلم؛ فإنّه من آداب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ..جاء في الأثر عن بعض السلف، ورووه مرفوعا، ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيها فيما يأمر به، فقيها فيما ينهى عنه، رفيقا فيما يأمر به، رفيقا فيما ينهى عنه؛ حليما فيما يأمر به، حليما فيما ينهى عنه. انتهى.
وقال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: إذا سفه عليهم سفيه، وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه، أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح. ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب. انتهى.
وإذا لم يستجيبوا لك؛ فلا تشاركيهم مجالس المنكرات واللهو، وتمسكي بدينك، واحرصي على مرضاة ربك واتقاء غضبه، ولا تلتفتي لزخارف القول ودعاوى الباطل التي تثبطك عن المحافظة على طاعة الله، والبعد عن معصيته، واستعيني بالله تعالى، واحرصي على مصاحبة الصالحات، وأكثري من ذكر الله ودعائه؛ فإنّه قريب مجيب.
والله أعلم.