الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالله عز وجل هو الحكيم العليم الذي يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، وقد يدعو أفاضل الناس بهداية وتوفيق شخص ما، فلا يستجيب الله لهم؛ لما له في ذلك من الحكمة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى هداية عمه أبي طالب، ولم يتحقق له ما رجاه، وأنزل الله عليه: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {القصص:56}.
فالعبد إنما عليه أن يأخذ بالأسباب من النصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعاء للمبتلى بالمعصية، وهو على يقين من أن الهدى هدى الله، وأنه لا هادي لمن أضله الله، ولا مضل لمن هداه الله، فيدعو، ويأخذ بالأسباب، ويفوّض الأمر كله لله؛ عالمًا أن ما يقدّره ويقضيه هو الحكمة والمصلحة، وأنه ليس له أن يقترح على الله تعالى خلاف ما جرت به أقداره السابقة، وهو مع ذلك يعلم أن الدعاء خير كله، وأنه رابح من دعائه، ولا بد، كما وضحنا ذلك في الفتوى: 420853، وتنظر أيضًا الفتوى: 427081.
والله أعلم.