الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البر بالوالد واجب مع اتصافه بالظلم والاستبداد وغير ذلك من الصفات التي وردت في السؤال، فلن تكون تلك الصفات القبيحة أعظم جرماً من الكفر بالله عز وجل، ومع ذلك يقول الله عز وجل: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15].
ولكن البر المأمور به تجاه الوالد لا يمنع من إنكار المنكر الذي يقع فيه ومنعه من الظلم والشهادة عليه بالقسط، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [النساء:135]، قال الشافعي رحمه الله تعالى: والذي أحفظ عن كل من سمعت منه من أهل العلم في هذه الآيات أنه في الشاهد وقد لزمته الشهادة وأن فرضاً عليه أن يقوم بها على والديه وولده والقريب والبعيد... انتهى.
قال بن العربي عند تفسيره الآية المتقدمة: أمر الله سبحانه بالشهادة بالحق على الوالدين، الأب والأم وذلك دليل على أن شهادة الابن على الأبوين لا يمنع ذلك برهما، بل من برهما أن يشهد عليهما بالحق ويخلصهما من الباطل. انتهى.
والله أعلم.