الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قراءة القرآن سبب لإزاحة الهمّ، وجلاء الحزن، وذهاب الغمّ عن النفوس، وفي الدعاء النبوي: أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي. رواه أحمد، وابن حبان.
ولا مانع في الأصل من قراءة سورة يوسف طلبًا لإزالة الهمّ والحزن عن النفس؛ لأنها من القرآن الذي جعله الله تعالى شفاء للناس، كما بيناه في الفتوى: 180405.
ولكن مع التنبيه إلى أن التزام قراءة هذا السورة على وجه الخصوص؛ طلبًا لذلك دون ما سواها من سور القرآن، بحيث لا يُقْرَأُ لإذهاب الغمّ غيرُها، هذا يُشعر بأن الشرع جاء بهذا التخصيص، وربما أدّى إلى اعتقاد الناس أن الشرع جاء بهذا التخصيص، ورغَّب فيه، فيعتقدون ما لم يأتِ به الشرع، وكثير من البدع تنشأ في أول أمرها بمثل هذا التخصيص والاستحسان الذي لم يقصد به فاعله إحداث بدعة، ولم يخطر بباله أن الناس سيعتقدون تلك الخصوصية.
ونحن لا نعلم أن الشرع جاء بأن قراءة سورة يوسف بعينها سبب لتفريج الهمَ دون ما سواها من سور القرآن، فليقرأ المسلم سورة يوسف، وغيرها من سور القرآن، وسيزيل الله همّه، ويكشف كربه.
كما لم يأتِ الشرع -فيما نعلم- بأن قراءة القرآن سبب لرد الغائب، وإنما يشرع للمسلم أن يدعو الله تعالى، ويتوسل إليه بعمله الصالح -ومنه قراءة القرآن- بأن يرد عليه غائبه.
وانظر للأهمية الفتوى: 369733، والفتوى: 147137.
والله أعلم.