الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله تعالى قد ذكر المال والبنين في الآية المذكورة، وقدم ذكر المال على البنين لعموم زينته بالنسبة لكل الأفراد والأوقات بخلاف البنين، فإنهم زينة للآباء فقط، وذلك بعد بلوغهم صفة الأبوة، كما أن المال سبب في بقاء النفس، أما البنون فسبب لبقاء النوع، وكذلك الحاجة إلى المال أمسُّ من الحاجة إلى البنين في الغالب، والمال أقدم منهم في الوجود، كما أنه يعتبر زينة بنفسه، بخلاف البنين فلا يكونون زينة إلا بوجود المال، فإن من له بنون ولا مال له فهو في أضيق حال ونكال.
وقد أفاد هذه المعاني الألوسي رحمه الله في تفسيره روح المعاني، ولا نص عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على ما ذكر، وإنما هي استنباطات، وتأملات يفتح الله بها على من يشاء من عباده، ويوافق ذلك ما ورد من دعاء سعد على أبي سعدة حينما شكاه لعمر بن الخطاب كاذباً فقال في دعائه: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن. رواه البخاري. وقال الحافظ في الفتح: وفي رواية سيف: وأكثر عياله.
فجعل سعد من الدعاء عليه أن يكثر عياله وأن يقل ماله، وهذا لأن كثرة العيال مع قلة المال شقاء كما قدمنا.
والله أعلم.