الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أشبعنا القول في حد الصغيرة في الفتاوى: 97742، 123437، 147743. فيمكن الرجوع إليها.
وبخصوص السؤال عن هل يؤخذ الإنسان بالصغائر: فنقول: نعم يؤخذ بها، وقد توبقه حتى تكون سبب هلاكه، إذ ليس معنى كون الذنب من الصغائر، أن يستهين به العبد، أو يتجاسر عليه، فإن الصغائر تصير كبائر بالإصرار عليها، كما بينا ذلك في الفتاوى المحال عليها أعلاه، واستهانة العبد بالصغيرة قد تدخلها في حد الكبيرة.
قال ابن القيم -رحمه الله-: وها هنا أمرٌ ينبغي التفطّن له، وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف، والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر. وقد يقترن بالصغيرة من قلّة الحياء، وعدم المبالاة، وترك الخوف، والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر. بل يجعلها في أعلى المراتب. وهذا أمرٌ مرجعه إلى ما يقوم بالقلب. وهو قدر زائد على مجرّد الفعل. والإنسان يعرف ذلك من نفسه ومن غيره. انتهى.
وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن احتقار الذنوب، وبين أن الصغائر تجر إلى الكبائر، فقد روى الإمام أحمد عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء ذا بعودٍ، وذا بعودٍ، حتى جمعوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه.
وانظر الفتوى: 39543.
والله أعلم.