الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشراء الأجهزة بواسطة البطاقات الائتمانية يفصل فيه بين ما إذا كان استخدامها والشراء بها تترتب عليه فوائد ربوية، فتحرم المعاملة حينئذ، وبين ما إذا كان استخدامها في الشراء ونحوه لا تترتب عليه فوائد ربوية، فلا يحرم التعامل بها؛ سواء أكان صاحبها يشتري الأجهزة لنفسه، أم يشتريها لغيره بربح، أو بغير ربح، وكونها يريد شراءها للمسجد للانتفاع بالتخفيض لا يبيح المعاملة إن كانت محرمة.
ووجه حرمة التعامل معه على فرض حرمة التعامل بالبطاقة هو: أن من يطلب منه تلك المعاملة يحثه على الدخول في عقد ربوي، ويغريه به، ولولا طلبه هو لما أقدم على المعاملة، فيكون مقرا لمنكره حاثًّا له عليه.
والمسلم منهي عن التعاون على الإثم والباطل، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وفي صحيح مسلم وغيره، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: هم سواء.
قال النووي -رحمه الله-: وفيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.
وعلى هذا؛ فلا يجوز إعانة من يريد الدخول في معاملة محرمة، بل الواجب نهيه، والسعي في منعه من ذلك لا إقراره.
وأما لو كان شراؤه بالبطاقة لا تترتب عليه فوائد ربوية، فلا حرج في التعاون معه على شراء المدفأة للمسجد، ودفع ثمنها إليه.
والله أعلم.