الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت نويت بيمينك منع زوجتك من مكالمة أمّك ما بقيت بينك وبينها المشكلة، ولم تنو منعها على الدوام؛ فبأي عبارة من العبارتين تلفظ؛ فإنّك لا تحنث في يمينك، ولا يقع طلاق زوجتك؛ إذا كلمت أمّك بعد انقضاء المشكلة؛ لأنّ الراجح عندنا أنّ المعتبر في الأيمان النية فيما يحتمله اللفظ، فالنية تخصص العام.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له، .......
والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، .......ومنها، أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. انتهى مختصرا.
وننبهك إلى أنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، وبرّها والإحسان إليها من أوجب الواجبات، ومهما أساءت إلى ولدها أو ظلمته؛ فإنّ حقّها في البر والمصاحبة بالمعروف لا يسقط.
وعقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح له الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما، لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه. انتهى.
كما ننبه إلى أنّ الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.