الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من أهم ما ينبغي أن يراعى في اختيار الزوجة أمر دينها وخلقها، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين، تربت يداك.
فإن كانت هذه الفتاة مرضية الدين والخلق؛ فاصبر عليها، ولا تعجل إلى فسخ الخطبة، فلعل الله -سبحانه- يجعل في زواجك منها خيرا، ولا يلزم أن يكون ما شعرت به من عدم الارتياح بعد الاستخارة دليلا على عدم خيرية الزواج منها، ولا بأس بأن تكرر الاستخارة، وتفوض أمرك إلى الله ليقدر لك الخير.
جاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة. فقيل: يفعل ما بدا له، ويختار أي جانب شاء من الفعل والترك، وإن لم ينشرح صدره لشيء منهما، فإن فيما يفعله يكون خيره ونفعه، فلا يوفق إلا لجانب الخير، وهذا لأنه ليس في الحديث أن الله ينشئ في قلب المستخير بعد الاستخارة انشراحًا لجانب، أو ميلًا إليه، كما أنه ليس فيه ذكر أن يرى المستخير رؤيا، أو يسمع صوتًا من هاتف، أو يلقى في روعه شيء، بل ربما لا يجد المستخير في نفسه انشراحًا بعد تكرار الاستخارة، وهذا يقوي أن الأمر ليس موقوفًا على الانشراح. انتهى.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 123457.
وإن وجدت من أهل هذه الفتاة تَلَكُؤًا، وغلب على الظن عدم رغبتهم في إتمام الزواج، فلا بأس بأن تفسخ الخطبة، ففسخ الخطبة جائز، وخاصة إن دعت إليه حاجة، كما هو مبين في الفتوى: 18857.
ولا تأسف على فوات زواجك منها -والحالة هذه-، لا سيما وأنك قد استخرت، فالجأ إلى ربك، وتضرع إليه، وسله أن ييسر لك من هي خير منها، قال -سبحانه-: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
والله أعلم.