الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بيَّنا في فتاوى سابقة أن الرحم على قسمين:
رحم يجب أن توصل، ويحرم أن تقطع، وهي كل رحم محرم؛ كالعَمَّات، والخالات، والأعمام، والأخوال.
ورحم يكره أن تقطع، ويندب أن توصل، وهي كل رحم غير محرم؛ كأبناء الأعمام، وبنات العم، وأبناء الأخوال، وبنات الخالات... ونحوهم، انظري الفتاوى: 11449، 18400، 245440.
وعليه؛ فبنات الخالة لسن من الرحم التي أوجب الله صلتها، وحرَّم قطيعتها، لكن تستحب صلتهن، وتكره قطيعتهن.
ووقوعهن في النميمة المذمومة المحرمة شرعا؛ لا يستلزم هجرهن تمامًا، وإنما يمكنك صلتهن المستحبة بالسؤال عنهن، ونحو ذلك، مما لا يضرك، أو يوقعك في أمور محرمة، ويجنبك أذاهن.
فإن الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوبًا معينًا، أو قدرًا محددًا؛ وإنما المرجع في ذلك إلى العرف، واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة، والاتصال، والمراسلة، والسلام، وكل ما يعده العرف صلة.
قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام -ولو بالسلام-، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. انتهى. وراجعي الفتوى: 80230.
ولكن بجانب ذلك يجب أن تكون مجالسك معهن مجالس خير وطاعة، وإذا صدر من بعضهن نميمة؛ فعليك بالإنكار، وبيان حرمة النميمة، ويمكنك توجيه الحديث بعيدًا عن الأمور المحرمة، والمبادرة بالكلام النافع.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 163371، 267823.
والله أعلم.